كلفة تربية الحصان ارتفعت 1000%…. والمربّون يبيعون خيولهم
لبنان الذي يحوي مزارع تضم أهم وأجود أنواع الخيول العربيّة الأصيلة التي ذاع صيتها في العالم العربي، بدأ اليوم أصحابها يئنّون من الأزمة الخانقة التي لم تبقِ على شيء جميل في هذا البلد، إذ أطلقوا صرختهم خوفًا على مزارعهم وخيولهم، وتجنّبًا لخسارة لبنان عشرات الأنواع من الخيول الممتازة.
تربية الخيل أصبحت مكلفة جدًّا مقارنة مع الأوضاع ما قبل الأزمة، وفق ما أشار محمود فقيه وهو أحد مربّي الخيول في الجنوب، لافتًا إلى أنّه قبل انهيار اللّيرة اللّبنانيّة، كان مصروف الحصان الواحد 150 ألف ليرة لبنانيّة، وبأحسن الحالات كانت تصل الكلفة إلى مئتي ألف ليرة، أمّا اليوم كلفة الحصان الواحد تتراوح بين المليون والمليون ونصف ليرة، أي أنّ كلفة تربية الحصان الواحد ارتفعت 1000%.
ويشير فقيه إلى أنّ كيس الشعير كان سعره 20 ألف ليرة وفي الشتاء يصل إلى 25 ألف ليرة، أمّا اليوم فأصبح بين 350 ألف إلى 400 ألف ليرة، أمّا أسعار العلاجات والأدوية فحدّث ولا حرج، فكلّها مستورد وعلى الدولار الأميريكي، ولا ننسى أنّ سعر الخيل أيضًا على الدولار، فالحصان ذو الحال المتوسط والذي يحمل أوراقًا كان سعره 2000$ وكانت تساوي ثلاثة ملايين ليرة، أمّا اليوم فأصبحت تتجاوز الستين مليون ليرة.
في السابق كان الموظف يقتطع من معاشه 200$ ليقتني حصانًا لأنهّ يحب هذه الهواية، أما اليوم فأصبح معاش نفس هذا الموظف لا يتجاوز ال100$، فكيف سيستطيع أن يستمرّ في تربية الخيل؟ لذلك لجأت نسبة كبيرة من مربّي الخيول وأنا منها إلى بيع خيولها لعجزها عن تأمين مستلزماتها، هذا حال مربّي حصان واحد، ولك أن تتخيّل حال أصحاب المزارع الذين يقتنون عشرات الخيول في البقاع وعكّار وعن حجم المعانات التي يعيشونها اليوم، وفق ما أشار فقيه.
يوجد في عكّار أهم مزارع للخيل وتحوي أجود أنواع الخيول العربية، وأصحاب هذه المزارع رفعوا الصوت عاليًا من أجل أن يلتفت المعنيون لحالهم، لأنّهم أصبحوا عاجزين عن الستمرار، وأنا من الأشخاص الذين باعوا خيولهم إذ كنت أملك أربعة منها، وكانت تكلفتهم حوالي 3 ملايين ليرة في الشهر الواحد، وخلال الأزمة أصبحت الكلفة تفوق السبعة ملايين وأبقى مقصّر تجاهها، وفق ما أشار مربّي الخيول جوزيف حنّا في حديثه لأحوال.
وأشار حنّا إلى أنّ أسعار الخيل أصبحت خيالية، فاليوم الحصان العادي جدًّا سعره 22 مليون، وحصان السباق سعره 80 مليون، والحصان الذي يستعمل للإنتاج والتشبيه فسعره يفوق الـ120 مليون، أمّا البيطرة أصبحت تكلّف 420 ألف ليرة بعد أن كانت 40 ألف ليرة للحصان، هذا بالإضافة إلى المشاكل الصحيّة التي يعاني منها الحصان والتي تكلّف الكثير من الأموال.
حال مربي الخيول كحال البلد من سيّء إلى أسوأ، بعنا خيولنا من أجل أن نعيش، واليوم بدأنا نفكّر ببيع منازلنا وممتلكاتنا من أجل أن نهاجر، هذه هي حالنا بكل صراحة، وفق ما أكّد حنّا.
لا شيء في لبنان يسرّ القاطنين، فارتدادات الأزمة الاقتصاديّة والنقديّة والمعيشيّة لم تترك شيئًا على حاله، سوى هذه السلطة التي لا تعير أيّ اهتمام لأيّ قطاع، وتكتفي ببعض الخطط الترقيعية التي لم تزد الأمور إلّا تعقيدًا، ولم تزد المواطن إلّا فقرًا.
منير قبلان